النوم والمراهقة، عنصران يتعرضان لجاذبية متعاكسة لا توافق الأهل أبداً. يعتصم المراهقون في أسرّتهم عندما يستيقظ الجميع ويهربون من النوم عندما يغرق الجميع فيه، إلى حد جعل بعض الأهل يستسلم سلفاً للحرب النفسية التي يخضعهم لها أولادهم، وفق ما أكدت دراسة علمية نشرتها صحيفة <<التايمز البريطانية.<<
وتكشف الدراسة أن 40 في المئة من الأهل يريدون أن يتبع أولادهم بعض قوانين المدارس الرسمية والمستقلة التي تسمح بعدد أكثر من ساعات النوم للتلاميذ، وتلفت إلى أن التلاميذ الذين يملكون جهاز تلفزيون في غرفة نومهم ينامون نصف ساعة أقل من أولئك الذين ليسوا في وضعهم، مع العلم أن 50 في المئة من الأهل الذين يعملون خارج المنزل يزوّدون غرفة نوم ولدهم بجهاز تلفزيون.
وينصح الباحثون في هذا الشأن بأن يحدّد الأهل موعداً للنوم، والسعي إلى الحول دون مشاهدتهم أفلام العنف مباشرة قبل النوم، وجعلهم يخففون من نسبة استهلاك الكافيين في فترة بعد الظهر، إضافة إلى تشجيعهم على القيام بنشاطات رياضية يومية.
ويُعتبر النهوض صباحاً في الموعد نفسه ضرورياً جداً، حتى في عطلة نهاية الأسبوع، إذ أن «الساعة البيولوجية» للجسم تبدأ بالعمل بعد 40 دقيقة على الأقل من موعد الاستيقاظ، وتتوقف بعد 10 إلى 11 ساعة. فإذا استيقظ المراهق في السادسة والنصف صباحاً، تتوقف ساعة جسمه عن العمل بُعيد الثامنة مساء. ولكن إذا استفاق في الثانية عشرة ظهراً، كما يحصل في نهاية الأسبوع، فلن يستطيع النوم قبل الواحدة فجراً.
وأثبتت دراسات عدة أُجريت في بلدان غربية، ولا سيما منها بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية، أن المراهقين يشكلون أكبر شريحة اجتماعية تفتقد إلى النوم. لذا، توجهت نصائح الباحثين إلى المدارس كي تؤخر ساعات الدخول إلى الصفوف لأن المراهقين غالباً ما يجدون صعوبة في النهوض صباحاً من السرير. وأكدت دراسة للباحثة ماري كارسكادون عام 1997 في جامعة براون الأميركية أن المراهقين يحتاجون إلى ساعات نوم اكثر من الراشدين ومن الأطفال، على عكس المعتقدات السائدة.
وأشارت إلى انهم يحتاجون نحو 9 ساعات نوم ليلياً لتفادي التصرفات المرتبطة بقلة النوم. وأضافت أن افتقادهم للنوم يؤدي إلى شعورهم بالقلق وتعب الأعصاب والانهيار العصبي أحياناً، مشيرة إلى أن 20 في المئة من المراهقين يغفون في الصف.
وفي دراسة أجراها، مدير قسم الدماغ التصويري في المعهد الوطني للأمراض العقلية في جامعة كاليفورنيا في لوس انجليس، عام1991، وتمحورت حول متابعة التصوير المغناطيسي لدماغ ألف ولد من سن الثلاث سنـوات إلى الثامنة عـشرة، بـيّن جاي غييد، أن هورموناً خاصاً بالنمو يُطلق خـلال النوم، يؤدي إلى صعوبة نهوض المراهقين مـن السرير صباحاً. ولفت إلى أن الدماغ يخضع لعملية نمو كبيرة في فترة المراهقة، لا سيما في فترة النوم الضرورية لكل مراهق. وتقول الدراسات العلمية إن غالبية المراهقين يحتاجون نحو 9 ساعات ونصف الساعة للنوم، لكنهم لا ينامون عادة أكثر من 7ساعات ونصف الساعة كأحسن تقدير. وتكشف أن هورمون «ميلاتونين» الذي يساعد على النوم يُطلق في الجسم عادة في العاشرة ليلاً، إلا انه لا يطلق قبل الواحدة فجراً في جسم المراهق الذي لا يشعر حينها بالرغبة في النوم إلا في وقت متأخر. ويعود تأخر إطلاق هذا الهرمون إلى بقاء المراهقين طويلاً أمام شاشات التلفزيون أو الكومبيوتر، ما يحفّز دماغهم ويؤخر إطلاق الهورمون.
وينام المراهقون فترات طويلة في عطلة نهاية الأسبوع في فترة قبل الظهر، للتعويض عن النقص الذي عانوا منه طوال الأسبوع. وقد يتعرض البعض منهم للأرق او للنوم المتقطع، ما يؤثر سلباً ايضاً في مجمل ساعات النوم، ويؤدي في احيان نادرة الى الانهيار العصبي عند المراهقين. وقد يظهر الانهيار العصبي عند المراهقين بفعل قلة النوم، أو قد يكون نتيجة له، إذ أن 90 في المئة من المراهقين الذين يعانون من الانهيار يكشفون صعوبة في النوم ليلاً. وهو يظهر دلائل محددة يجب أن يتنبه إليها الأهل، منها الشعور بالحزن والقلق واليأس لأسابيع متتالية، النوم اقل من العادة، فقدان الاهتمام بأمور كانت تشكل محور اهتمام، الافتقاد إلى الحيوية، التبدل في الوزن ارتفاعاً أم انخفاضاً، المزاجية، الشعور بالذنب أو بعدم الفائدة، الصعوبة في التركيز أو الخلل في الذاكرة، التخلي عن الأصدقاء، الشكوى من آلام في المعدة أو صداع في الرأس، التراجع في النتائج المدرسية، التفكير بالموت أو الانتحار وذكرت الإحصاءات في هذا الإطار ان مراهقاً من اصل 12 يعاني من الانهيار العصبي قبل بلوغ الثامنة عشرة. وأن نصف المراهقين «المنهارين» قد يحاولون الانتحار إذا لم يُعالَجوا طبياً.